الذرة هي أصغر جزء من المادة، هذا ما كان يعتقده العلماء لسنوات طويلة، ولكن تبين أن في الذرة ما هو أصغر منها، لنتأمل الحقيقة العلمية والآية القرآنية.
لقد سُمِّي النصف الأول من القرن العشرين بعصر الذرة حيث تم وضع الأسس السليمة لعلم جديد هو الفيزياء الذرية. وربما كان من الكشوف الهامة في هذا العلم اكتشاف ما يسمى بالنظائر وتحديدًا النظائر المشعة والتي مهدت الطريق أمام الوصول إلى التفاعلات الذرية.
إذن نحن عندما نتحدث عن أي عنصر كيميائي، مثلًا الحديد، لا يكفي ذكر اسم هذا العنصر، بل يجب أن نحدد الثقل الذري له. فالثقل الذري- الوزن الذري- يختلف من عنصر لآخر ويختلف داخل كل عنصر. فلدينا الحديد 55، والحديد 56، والحديد 57، وهذه كلها حديد، ولكنها مختلفة بوزنها الذري.
وعندما نتعامل مع التفاعلات الذرية لا يجوز أن نقول ذرة حديد فحسب، بل يجب أن نضع إلى جانبها وزنها الذري لنعرف ما نوع هذه الذرة، لأن كل ذرة لها ثقل محدَّد.
وإذا ما حطَّمنا هذه الذرة وجدنا أنها تتركب من جسيمات أصغر منها مثل الإلكترون والبروتون والنيوترون، وهذه بدورها تتركب من أجسام أصغر منها تسمى بالكواركات.
ولكن الذرات لا توجد بشكل منفرد في الكون بل توجد على شكل مجموعات تسمى بالجزيئات، فمثلًا نجد أن ست ذرات حديد ترتبط مع بعضها لتشكل جزيئًا من الحديد. وهذه الجزيئات ترتبط مع بعضها أيضًا لتشكل مادة الحديد.
إذن يتعامل علماء الذرة مع مقياسين أثناء دراستهم: فعندما يتعاملون مع أجزاء الذرة ومكوناتها- ما هو أصغر من الذرة- فهذا يسمى بالفيزياء النووية، وعندما يتعاملون مع مجموعة من الذرات أو ما يسمى بالجزيئات فهذا يسمى بالفيزياء العادية.
ومن عجائب القرآن أنه تحدث عن كل هذه الأشياء في آية واحدة! فانظر إلى قول الحق تبارك وتعالى عن علمه بكل شيء: {مَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس: 61].
في هذه الآية لم يقل ربنا سبحانه وتعالى: من ذرّة، بل قال:، وقد وردت كلمة ذرّة في القرآن ست مرات وتسبقها دائمًا كلمة مثقال، ليؤكد لنا الله تعالى على أن للذرة ثقلًا أو وزنًا، وأن كل ذرة إنما تُحدَّد بهذا الثقل، أو ما يسمى حديثًا بالوزن الذري.
ونحن اليوم إذا فتحنا أي مرجع علمي في علم الذرة نجد أن العلماء دائمًا يكتبون اسم الذرة وإلى جانبها وزنها الذري، وهذا ما فعله القرآن في جميع الآيات التي تحدثت عن الذرة حيث ارتبطت كلمة مثقال بكلمة ذرّة دائمًا.
ثم نجد في الآية ذاتها إشارة إلى ما هو أصغر من الذرة، أي أجزائها، وهذا ما يسمى بالفيزياء النووية، وكذلك في الآية إشارة إلى ما هو أكبر من الذرة، أي الجزيئات، وهذا ما يسمى بالفيزياء: {ولا أصغر من ذلك ولا أكبر}.
وهنا نتساءل، بل نوجه السؤال لكل من يظن بأن القرآن من عند محمد صلى الله عليه وسلم: كيف استطاع رجل يعيش قبل 1400 سنة أن يدرك هذه التفاصيل الدقيقة عن علم الذرة؟ بل كيف استطاع في ذلك الزمن أن ينتج كتابًا كاملًا ومتكاملا لا نجد فيه أي خلل أو نقص أو عيب أو خطأ؟
-------------------------
المراجع:
Apfel، Necia. It's All Elementary: From Atoms to the Quantum World of Quarks، Leptons، and Gluons /Lothrop، 1985
الكاتب: عبد الدائم الكحيل.
المصدر: موقع أسرار الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.